أسباب زيادة الإيمان ونفصانه
مقالات الموقع

أسباب زيادة الإيمان ونفصانه

 أسباب زيادة الإيمان
زيادة الإيمان

       بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن ولاه:

أما بعد:

      -اعلم أخي المسلم الكريم أن الإيمان أعظم وأغلى وأعز ما يملكه العبد لذلك يجب على العبد أن يعتني به غاية العناية وأن يسعى في تقويته وتجديده فإن مثقال ذرة من إيمان خير من الدنيا وما فيها لهذا ينبغي للمسلم أن يعتني بالأمور الإيمانية وأن يستعين بالله تعالى على تقوية إيمانه وزيادته و الإيمان عند أهل السنة و الجماعة هو:" قول باللسان وعمل بالأركان واعتقاد بالجنان يزيد بالطاعة وينقص بالعصيان" فينبغي معرفة هذا الأصل من أصول الاعتقاد  لكي يمشي عليه العبد ويعلم أنه كلما أطاع الله عز وجل زاد إيمانه ويحذر معاصي الله عز وجل التي تنقص الإيمان والإيمان له أسباب الزيادة وأسباب النقصان وأنا أذكر لك هذه الأسباب لعل الله سبحانه أن ننتفع بها جميعا فأقول وبالله التوفيق وبه أستعين:

  • السبب الأول: تدبر القرآن والتفكر بمعانيه :

      والاعتبار بما في القرآن من القصص ومن الوعد والوعيد والتوحيد و معرفة الله سبحانه وأسمائه وصفاته وما يتصف الله سبحانه و تعالى به من الرحمة والجود والإنعام والإكرام وما يتصف به من شدة العقاب والبطش والقوة والانتقام و بالجملة كل ما في القرآن من ذكر الثواب والعقاب في الدنيا والآخرة ووصف الجنة و النار والأعمال الصالحة والأعمال السيئة التي توصل بها هؤلاء إلى النار وأولئك إلى الجنة وغير ذلك مما هو بين دفتي المصحف كل هذا مما يزيد به الإيمان زيادة عظيمة.

      ومما يعين على فهم القرآن تصفية القلب من شواغل الدنيا والتفكر وتذكر الآخرة وقد أمر الله عز وجل بتدبر القرآن فقال تعالى -:{كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا ءاياته وليتذكر أولوا الألباب }و أيضا: قراءة كتب التفسير. فقراءة كتب التفسير مما يسهل وييسر فهم القرآنوطريقة التدبر كما قال العلماء رحمهم الله تعالى : هي في التأمل والتفكر وإعمال الفكر في معاني الآية والكلمات وهذا كما قلت لك لابد من التفسير ومعرفة معنى الآيات وإلا بدون معرفة التفسير لا يكون التدبر والتفكر وفهم معاني القرآن الكريم إلا قليل ولا يحصل الانتقاع التام ويكمل الانتفاع بالقرآن.

  • السبب الثاني: تصحيح الاعتقاد من توحيد لله سبحانه بأقسامه الثلاثة :

القسم الأول: توحيد الربوبية بأن يعتقد أن الله سبحانه هو الخالق الرازق المحي المميت النافع الضار فيعتقد أن الله هو المعطي المانع والنافع الضار وأنه لا أحد من الخلق يرزقه أو يحييه أو يميته أو ينفع أو يضره بل ذلك كله للرب جل جلاله وأنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع كما قال الله تعالى}:- قل لمن الأرض ومن فيها إن كنم تعلمون(84) فسيقولون لله قل أفلا تذكرون (85)قل من رب السموات ورب العرش العظيم (86) فسيقولون لله قل أفلا تتقون(87) قل من بيده ملكوت كل شيء وهو يجير ولا يجار عليه إن كنتم تعلمون (88) فسيقولون الله قل فأنى تسحرون(89)}وغيرها من الآيات وهذا توحيد الربوبية وهو توحيد الله عز وجل بأفعاله.

   وأيضا: يحقق القسم الثاني :وهو توحيد الألوهية وهو اعتقاد بأن الله سبحانه المستحق للعبادة وحده لا شريك له ويفرده بالعبادة من الدعاء والذبح والنذر ويعرف الشرك الأكبر والأصغر وما يقدح في التوحيد كالذهاب إلى الكهان والسحرة والنشرة وغير ذلك وهو توحيد الله سبحانه بأفعال العباد. كما قال تعالى-:} ذلك بأن الله هو الحق وأن ما  ندعون من دونه الباطل وّأن الله هو العلي الكبير}

        وأيضا : يحقق الإيمان بأسماء الله وصفاته العليا بإثبات ما أثبته لنفسه في كتابه ورسوله في سنته الصحيحة من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ولا تشبيه ولا تأويل فيعرف الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفات الكمال والجلال والجمال والإكرام والإنعام .

   وأيضا : هناك قسم رابع من أقسام التوحيد وهو توحيد المتابعة وهو تجريد المتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم وترك جميع الأقوال والآراء والأشخاص المخالفة لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم ومن حقق هذه الأقسام الأربعة فإنه يزيد بذلك إيمانا عظيما ويكون من أعظم الناس إيمانا وهو مومن موحد

  •   السبب الثالث: طلب العلم الشرعي و التفقه في الدين ومعرفة المسائل الشرعية:

   فمعرفة الشرع من التوحيد والعقيدة الصحيحة والعبادات الصحيحة المبنية على الدليل يتعبد لله عز وجل على بصيرة مما بقوى بها ايمان العبد ويكون العبد في إيمان متواصلا وازديادا في إيمان كلما طلب العلم وزاد من العلم الشرعي. قال تعالى -:{وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر طائفة منهم ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون}وقد جاء عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قال :"من يرد الله به خيرا يفقه في الدين "متفق عليه. وقال صلى الله عليه وسلم: "طلب العلم فريضة على كل مسلم" .وطلب العلم والاعتناء به إلى الممات من أصول المنهج السلفي.

  • السبب الرابعكثرة الأعمال الصالحة:

فالعمل الصالح كالمحافظة على الصلوات الفرائض في وقتها وبوضوئها والإحسان فيه بأركانها وواجباتها وسننها وخشوعها وحضور القلب والطمأنينة فيها والصلاة كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم كما جاء عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:" صلوا كما رأيتموني أصليرواه البخاري.

     وأيضا: وأداء الزكاة بطيبة نفسه وهي ركن من أركان الإسلام واجبة ومن تركها فهو آثم ومعرض نفسه للعقوبة في الدنيا و الآخرة وفي القبر. نسأل الله تعالى السلامة والعافية.

      ومن الأمور التي تزيد الإيمان صوم رمضان الركن الرابع من أركان الإسلام بواجباته وسننه ومستحباته وترك ما يفسد الصوم أو يخدش الصوم من اللغو والرفث والجهل والغيبة والنميمة والنظر المحرم والاستماع للأغاني ومشاهدة الأفلام والمسلسلات فمن صام رمضان هكذا زاد إيمانه إيمانا عظيما وتقبل الله سبحانه صومه وكان ممن صام رمضان إيمانا واحتسابا. ونرجو له أن يدخل من باب الريّان. قال الله تعالى-:{يا أيها الدين ءامنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون} وبصيام رمضان تحصل التقوى والتقوى من خصال الإيمان.

      وأيضا :من حج بيت الله الحرام بأركانه وواجباته وسننه ولم يرفث ولم يجهل ولم يفسق تقبل الله عز وجل حجه ورجع من حجه كيوم ولدته أمه وازداد بذلك إيمانا و من فعل ذلك كله في الصلاة والصوم والحج وصلى كما صلى النبي صلى الله عليه وسلم وصام كصوم النبي صلى الله عليه وسلم وحج كذلك لأن الإيمان قول وعمل واعتقاد وإصابة سنة فلابد من العمل والقول والاعتقاد أن يكون موافقا للسنة مخلصا فيه لله عز وجل.

  • شروط قبول العمل الصالح اثنان:

ومن شروط قبول العمل الصالح شرطين:

الشرط الأول:الإخلاص.

الشرط الثاني: المتابعة.

    وأيضا : من الأعمال الصالحة بر الوالدين وصلة الرحم والجهاد وحسن الجوار والإحسان إلى اليتامى والمساكين والإحسان إلى الناس والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والصدقة وغير ذلك من الأعمال الصالحة التي جاء ذكرها في الكتاب والسنة. وينصح بقراءة كتاب "رياض الصالحين" للإمام النووي فإنه رحمه  الله  تعالى قد وضع في هذا الكتاب أشياء كثيرة من الأعمال الصالحة وكل ذلك من الكتاب والسنة الصحيحة فقراءة كتاب الصالحين يبين لك كثير مما جاء في الكتاب والسنة من الأعمال الصالحة العبادات والأخلاق والسلوك وغير ذلك من الأمور التي جاءت في الشرع.

  • السبب الخامس: كثرة ذكر الله عز وجل 

     فالذكر مما يزيد به الإيمان ، قال الله تعالى -:{ألا بذكر الله تطمئن القلوب} وذكر الله عز وجل يزيد الإيمان ويطرد الشيطان ويذله ويقمعه ويرضي الرحمن ويشرح الصدر ويطهر القلب ويعين على العبادة والجهاد وتحصيل العلم وفضائل الذكر قد جاءت في الكتاب والسنة كثيرة فنذكر بعض فضائله ، منها :أن الله عز وجل يذكر الذاكر ، كما قال الله تعالى -:{فاذكروني أذكركم} وقال النبي صلى الله عليه وسلم:" قال الله تعالى :"من ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي ومن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم". ومنها: أن الله تعالى قد أمر بكثرة ذكره وأخبر أن كثرة الذكر سبب الفلاح وهذا يدل على أن الله يحب كثرة الذكر قال تعالى -:{واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون}ومنها :أن الله سبحانه أثنى على الذاكرين الله كثيرا وأعد لهم مغفرة وأجرا عظيما ، كما قال تعالى-:{والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيمًا}وغيرها من الآيات.

  • السبب السادسلزوم حلق الذكر:

     فلزوم حلق الذكر مما يزيد الإيمان ولا يكون لزوم حلق الذكر إلا بلزوم مجالس العلماء وطلب العلم وأخذ العلم عنهم فمجالس الذكر مما يبارك الله عز وجل فيها بالانتفاع من أهل العلم السُّنِّيِّين السَّلَفِيِّين وليحذر من الجلوس إلى أهل البدع من الصوفية والشيعة والحزبيين وأهل الأحزاب السياسة  والجماعات الإسلامية فإن ضرر هؤلاء أكبر من نفعهم بل لا يوجد نفع لأنهم على غير الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح رضوان الله عليهم الذين هم اتباع النبي صلى الله عليه وسلم.

      ومجالس الذكر تحفهم الملائكة عليهم السلام بأجنحتها وتنزل الرحمة والسكينة ويذكرهم الله تعالى فيما عنده وتكون سببا لمغفرة الذنوب وهذه من أسباب زيادة الإيمان عظيمة قال صلى الله عليه وسلم:" إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا" قالوا: وما رياض الجنة ؟قال :"حلق الذكر". وهو صحيح.

      وفي الحديث القدسي أن الله تعالى قال:" هم القوم لا يشقى جليسهم قد أعطيتهم ما سألوا وأعذتهم مما استعاذوا".متفق عليه وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم:" وما جلس قوم يتلون كتاب الله عز وجل ويتدارسونه إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيما عنده ومن بطأ به عمله لم يلحق به نسبه". رواه مسلم.

  • السبب السابع: تعليم الناس العلم :

      ومن الأمور التي تزيد الإيمان تعليم الناس العلم وتبيين لهم مسائل الشريعة وتعليم العلم من التذكير  والذكرى تكون بالقلب فيصفى القلب من التعلق بالدنيا ويخشى الله عز وجل فينتفع الناس بتبصيرهم مسائل الدين فيخافون من الله سبحانه ويرجونه ويتنبهون من الغفلة التي هم فيها ويتوبون ويتبصرون في المعاصي التي هم فيها فينتهون عنها وهذه هي التوبة والإنابة إلى الله عز وجل وهذه من أكبر الأسباب التي تزيد الإيمان ،كما قال الله تعالى-:{ توبوا إلى الله جميعا يأيها المؤمنون لعلكم تفلحون} وقال صلى الله عليه وسلم:" التائب من الذنب كمن لا ذنب له".

  • السبب الثامناجتناب الذنوب:

   فالذنوب مما تنقص الإيمان فمن أحب أن يزداد إيمانه دائما فليترك الذنوب فالذنوب مما تضعف الإيمان والدين ويقسوا القلب فالذنوب سواء الكبائر أو حتى الصغائر تضعف الإيمان فالزنا  والسرقة والقتل وعقوق الوالدين وقطيعة الرحم وأكل الربا والسرقة والغيبة والنمية والسحر مما يضعف الإيمان ضعفا عظيما وأيضا: كبيرة ترك الصلاة التي من تركها فقد هدم الدين  وترك الصلاة مما يضعف الإيمان والدين والنفس والقلب والبدن - والعياذ بالله تعالى- .

     وأيضًا محقرات الذنوب فإنه تتراكم حتى تضعف الإيمان ويقسوا القلب فقد جاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"إياكِ ومحقرات الذنوب فإنهن يجتمعن على البعد حتى تهلكنه".

     وأخيرا يجب على الإنسان أن يحافظ على إيمانه ويسعى في زيادته دائما فإن الإيمان نعمة عظيمة والله سبحانه يعطي الدنيا المؤمن والكافر ولا يعطي الإيمان إلا الذي يحبه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:" إن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الإيمان إلا من يحب ".وفي رواية :" لا يعطي الدين إلا من يحب". ويجتنب الذنوب والمعاصي التي تضعف الإيمان فإنه كما تقدم أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية. والله المستعان وبالله التوفيق ولا حلو ولا قوة إلا بالله العلي العظيم. وانظر أيضًا:أصول أهل السنة والجماعة مع ولاة الأمور وانظر أيضًا:أسباب زيادة الإيمان الشيخ العامة محمد بن صالح العثيمين

           وكتبه

       أبو عبد الله

صابر بن حسين ترزي

 

تعليقات



    حجم الخط
    +
    16
    -
    تباعد السطور
    +
    2
    -